الشاب يزيد: غنيت عشرين عاما للمرأة وأنا فخور بذلك

ارتبط اسمه بالثامن مارس، واحتفالات عيد المرأة، لسنوات طويلة، ترسخ صوته في ذاكرة جيل كامل من نساء الجزائر، ظل يفاجئهن طيلة ربع قرن من الزمان، بأغنية جديدة “أعطتني هدية”، “نصيرة”… وفي قاعة حرشة، أكبر قاعة بالعاصمة، كانت تمتزج البهجة بالزغاريد، وتردد النساء من كل الأعمار أغاني الشاب يزيد، الذي يأبى إلا أن يفاجئهن في كل عيد بأغنية جديدة، خصيصا لهن، في عيدهن.. فيكسر روتين الأيام وظلمة سنوات التسعينيات الحالكة. والذي لا تعلمه أغلب النساء، أن يزيد كان هو من يدفع ثمن القاعة وثمن الفرقة، وكل شيء، على عاتقه. فإدارة القاعات كانت لا تمنح أي امتيازات لإحياء الحفلات، وكان سعر القاعة كسعر الفرق الرياضية.. كل هذا، كان بمثابة هدية إلى النساء في عيدهن وبالمجان. وفي هذا اللقاء، الذي جمعه بمجلة “الحوار”، فتح الشاب يزيد قلبه لجمهوره، وفي شهر المرأة، ليتذكر مشواره الفني الطويل مع المرأة الجزائرية، قبل أن يقرر التفرغ للأغاني التربوية للأطفال.

•حاورته: جميلة ميار

 

  • مرحبا بك يزيد على مجلة الحوار؟

مرحبا بمجلة الحوار في بيتي العائلي، ومرحبا بكل قرائها الأكارم شكرا.

 

  • يزيد.. ماذا يعني لك عيد المرأة؟

هو يوم كنت أرسم فيه البسمة والبهجة، بهدف إسعاد المرأة الجزائرية، وأن ينسب إلي إسعاد المرأة في يومها العالمي، وهذا وشرف عظيم، غنيت مدة عشرين عاما مجانا للمرأة، وفخور بذلك.

واجهت مشاكل كثيرة، خلال سنوات العشرية السوداء، حيث كنت أغني في مناطق مضطربة أمنيا آنذاك، على غرار سيدي موسى والأخضرية ودون تأمين، كانت من أخطر الأماكن، لكن دوما كنت أركز فوق الخشبة على فرحة الأم والأخت والبنت والزوجة بيومهن.

  • لماذا وبعد كل هذه السنوات، قررت الاعتزال عن الغناء للمرأة؟

لم أقاطع الغناء للمرأة، بل أقصد الكبار بشكل عام. لن أتوقف عن الغناء ولن أعتزل، لا أريد فقط أن أكسر صورة المربي الذي يقدم برنامجا للأطفال “عمو يزيد”. اليوم، أجد نفسي بيداغوجيا مع هذا البرنامج، ولا يجب أن أتناقض بين الدور التربوي والفني. لهذا، قررت اتخاذ هذا القرار الصعب والجريء والخطير والشجاع بالامتناع عن الغناء للكبار. أتلقى رسائل من الأطفال للمشاركة معي في البرنامج، وصلنا أزيد من مليون طفل راسلني من أجل الحصة. وهذا واجب البرنامج أمامهم.

  • كيف تقيم مشوارك السابق؟ وما هو سبب انتقالك إلى الغناء للأطفال؟

المؤشر الوحيد هو الجمهور، والإقبال على حفلات الشاب يزيد، خلال مساره المهني، منذ تسعينيات القرن الماضي هو الجواب، لدى عامة الجزائريين الذواقين. أما مسألة الغناء للأطفال وربط ذلك بالكلمات، فأستطيع القول إن جميع أغاني الشاب يزيد ملتزمة، ولم أقدم يوما أغنية خادشة للحياء. فأنا لا أستطيع أداء أغان لا يمكنني غناؤها أمام عائلتي، هذه شخصيتي ومبادئي منذ البداية، التي عرفني وأحبني بها الناس. والفرق اليوم، أنني قررت الاهتمام بمجال الطفل المهمش. لا يعقل أنه لا يوجد في الجزائر مهرجان لأغنية الطفل، مواضيع الأطفال هي الأمانة والصداقة والحب “حب الوطن والأسرة”.

  • وصل عدد النساء سنة 1997 من قاعة ابن خلدون حتى نفق أودان وكان الفارق في حياة يزيد الفنية، حدثنا عن هذا؟

كانت أغانيّ، في تلك الفترة، من بين الأغاني المشهورة التي كان يتغنى بها الكبير والصغير. فحب الجمهور لي كان الدافع الأول لاستكمال مسيرتي الفنية، إلى أن قررت خوض تجربة الأطفال التي كانت مجازفة بالنسبة إلي، فكنت في كل مرة أتحدث مع نفسي: هل سيتقبلني الأطفال؟ هل ننجح في هذه المغامرة؟ هل أكون قدر مسؤولية التربية والترفيه؟ هل.. وهل… لكن، حمد لله إلى حد الساعة.

  • لماذا يركز يزيد على المرأة والطفل؟

كسبت جمهورا كبيرا، سنوات التسعينيات من القرن الماضي، بحيث كانت أغنية “صبري صبري”، و”جيت نڨلع غمة”، من بين الأغاني المشهورة إلى يومنا هذا.. ولو أرادت كسب جماهير، لما تفرغت لأغنية الطفل، على ما أعتقد، قمت بإعطاء صورة يحترمها الناس، فلما بدأت حصة “عمو يزيد”، جسّدت ما كان يدور في ذهني منذ سنوات كثيرة، والحمد لله، كان حلما وتحقق.

 

  • هل صحيح أنك كنت تدفع من جيبك لإحياء حفلات الثامن مارس؟

حقيقة، أتذكر كل حفلات الثامن مارس.. كنت أنا من يدفع ثمن القاعة وثمن الفرقة وكل شيء كان على عاتقي.. فإدارة القاعات كانت لا تمنحنا امتيازات لإحياء الحفلات، وكان سعر القاعة كسعر الفرق الرياضية. وأتذكر يوم قال لي مسؤول من مسؤولي القاعة: “لستم جمعية أو بلدية باش نعطيكم القاعة”. فهذه هي حقيقة الدفع.

  •  ولا مرة كتبت على ألبوماتك الشاب حتى لا تضع نفسك مع فناني الراي- فما طابع أغنية “جيت نقلع غمة زدت الزاوجة”؟

صحيح، لم يكن موجودا فوق غلاف الأسطوانة إلا يزيد، لأنني كنت أغني كل الطبوع الجزائرية، ليس الراي فقط. فأغنية “جيت نڨلع غمة”، ربما كانت من الأغاني المشهورة في الجزائر. لهذا، الغير يقول بأنني فنان راي، وحتى إذا كنت من فناني الراي، فهذا يشرفني كثيرا، والراي هو أيضا تراث جزائري، ومسموع، وله جمهور كبير داخل وخارج الوطن. 

  • ما صحة خبر أن أباك الجنرال السابق في الجيش رحمه الله، وأنه هو من فرضك على الساحة؟

أبي ليس جنرالا، بل رائد في الدرك الوطني. وللعلم، كان حريصا جدا على تربيتنا ودراستنا، وكنت الطفل الوحيد عنده وسط خمس بنات، وكنت أعاني من ضغوطات كان يمارسها علي، وكان ضد فكرة الغناء، وخاصة في فترة العشرية التي مرت بها الجزائر.

  • ألم تصلك تهديدات حين كنت تقدم حفلاتك في مناطق غير آمنة خلال سنوات التسعينيات؟

حقيقة. كل فنان في تلك الفترة، وخاصة الذين كانت لهم شهرة، كانت تصلهم تهديدات، لكن الحمد لله، لم أتعرض للتهديد قط، لا أنا ولا العائلة، والأعمار بيد الله.

  • ما سر تحقيق برنامج “عمو يزيد” نجاحا كبيرا؟

برنامج “عمو يزيد” حلم تمكنت من تجسيده في 2015، أحس من خلاله أنه مضى على إطلاقه سنوات طويلة، لأننا قمنا بمشاركة جماعية مهمة مع القناة المذيعة للبرنامج، وكانت قدمت لنا كل التسهيلات، وهذا بفضل الله.

  • هل يزيد هو من يكتب أغاني الأطفال لـ “عمو يزيد”؟

لا. هم مجموعة كتاب كلمات، لكن المحتوى أو التوجه أنا من أشرف عليه. 

  • في برامج الأطفال دائما كنا نرى الحضور للمتفوقين في الدراسة.. فلماذا برنامج عمو يزيد كان أغلب المشاركين فيه معدلاتهم الدراسية ما دون المتوسط؟

سؤال وجيه وفي محله… كيفية المشاركة في برنامج عمو يزيد تكون عبر الرسائل النصية، على بريد صفحة البرنامج. وتكون حسب ترتيب الرسائل، فنتصل بهم بعد أن يتم التسجيل. فالبرنامج ودعوتهم إلى المشاركة والحضور، فقصة “سبونسور” لا أساس لها من الصحة، وهي مجرد إشاعة مغرضة لا غير.

  • وهل حقا تتصلون بهذا الكم الهائل؟

نعم، أنا وطاقم البرنامج حريصون جدا على ترتيب الرسائل، فنتصل بالأول والثاني والثالث، حتى نكون قد وفينا بعهد البرنامج تجاه الطفل.

 

  • ما هو هدف البرنامج؟

هدف البرنامج مئة بالمئة تربوي تعليمي تثقيفي.. فمن خلاله كسبنا حبا جماهيريا كبيرا، بحيث في كل حفلاتنا في ربوع الوطن نلقى استحسانا ومحبة من الأطفال وأوليائهم، ودعما معنويا من خلال طلاتنا المباشرة أو التلفزيونية. من خلاله يتعلم الطفل حب الوطن وحب الغير والتسامح، في طابع مرح وخفيف غير ممل. فهدفنا إيصال رسالة إلى الكبير ودروس إلى الطفل البريء، الذي يغيب حقه أحيانا في المجتمع.

  • كلمة أخيرة؟

أولا، الشكر الخاص لمجلة الحوار على هذه الالتفاتة النبيلة. وبالمناسبة، أبلغ وأحيي المرأة الجزائرية بكل معاني المحبة والأخوة، وأتمنى من الله تعالى أن يجعل كل أيامهن عيدا.